وسط صرخات الأفراح الإسبانية..ودموع الأحزان الهولندية: "المـاتادور" سيد العالم لأول مره في تاريخهوسط أنظار الملايين من المشاهدين في العالم استطاع المنتخب الإسباني أن ينتزع كأس الحلم الغالية التي راوضت جميع المنتخبات الذين شاركوا في النسخة التاسعة عشر من المونديال الإفريقي، ولكنه كان الأجدر بالوصول إلى النهائي والأحق بتحقيق الإنتصار الكبير على الطواحين الهولندية.
اهتزت الأراضي الإسبانية فرحاَ بإنتصار منتخب بلادها، وكتابة اسمه بحروف من ذهب في سجلات تاريخ كأس العالم، وهي البطولة الأهم في تاريخ اللعبة.
بدأت المباراة بإندفاع هجومي للطواحين في محاولة للعصف المبكر بأسبانيا، وامتلاك مفاتيح وسط الملعب، مع مقابلة أسبانيا امتلاك هولندا للكرة في منتصف ملعبها بالدفاع متقدم، ووضع عازل حديدي من قبل خط الوسط الأسباني المتألق طوال البطولة.
في ق 4 شهدت الإنطلاقة الأولى للمنتخب الأسباني عن طريق راموس، التي بدا الإعتماد الإسباني عليه في الجهة اليمنى، وحتى ق 6 نجحت الخطة الهولندية في السيطرة على الخطورة الهجومية لـ "ديفيد فيا" واصطياده عن طريق نصب فخ مصيدة التسلل لمرتين متتاليتين.
وفي ق 8 لم يستطع "ألونصو" السيطرة على الكرة أمام منطقة الـ18 مما تسببت في خطورة على المرمى الإسباني، ولكن "إيكر كاسيلاس" كان للكرة بالمرصاد، حاولت هولندا السيطرة على الكرة في منتصف ملعبها منذ ق 9، ونتيجة الضغط الإسباني من منتصف الملعب إتجهت الطواحين إلى تمرير الكرات الأمامية التي كانت من نصيب دفاع الماتادور.
وكانت الهجمة الأخطر في المباراة في ق 11 عن طريق "راموس" ولكن الدفاع الهولندي منع وصول الكرة إلى الشباك، وتابع الكرة في نفس الدقيقة تصويبة سريعة للخطير "فيا" ولكنها هزت الشباك الهولندية من الخارج، وحتى ق 13 من عمر اللقاء اتضحت طريقة اللعب الإسبانية في الإعتماد الكبير على نجم خط الوسط "تشابي هيرنانديز" والربط من منتصف الملعب مع "فيا"، والتمرير الخلفي في حالة غلق الطواحين زاوية التسديد عليه.
لم تتضح معالم اللعب الهولندي الهولندي حتى الـ 15 ق الأولى من عمر المباراة، وبات الخوف يسيطر على منتصف ملعب الفريق الهولندي نتيجة الدفاع المتقدم للماتادور، والذي أجبر الطواحين على اللعب بطريقة عشوائية تمثلت في الكرات العالية دون هوية.
في ق 18 كانت التسديدة القريبة من المرمى الأسباني عن طريق ضربة حرة مباشرة ضد "بيول" كانت الأقرب من تسجيل الهدف، وفي المقابل ظل "راموس" و"فيا" و"تشابي" يبحثون عن ثغرة لإختراق الدفاع الحديدي للطواحين.
اعتمدت هولندا على الكرات الثابتة في خلق الخطورة على المرمى الإسباني، ولكن إنعدام التركيز وعدم دقة التمرير كان يحول دون وصول الكرة إلى المهاجمين.
ظل حكم المباراة "هاورد ويب" محتفظاً بلياقته التحكيمية حتى ق 22، وكان متزناً في قراراته على الرغم من إشهاره 4 كروت صفراء مناصفة بين الفريقين إلا أنهم جميعاً مستحقين في حق مرتكبي الأخطاء.
اقتبست هولندا طريقة اللعب الإسباني واتجهت إلى الدفاع المتقدم، والضغط على الفريق الإسباني في ملعبه لمنع تقدمه إلى مرماها، ونجحت الطواحين في تطبيق طريقة اللعب الإسبانية، ولكن ظلت الكرة منحصرة في منتصف الشوط الأول في منتصف الملعب، مما قلل من إثارة المباراة.
وفي ق 28 كان الإنذار الخامس في اللقاء لصالح "جونج" لاعب الطواحين لإرتكابه خطأ في حق "ألونصو" كان يستوجب البطاقة الحمراء دون تردد.
منذ منتصف الشوط الأول وحتى ق 32 نجحت هولندا في حصار المنتخب الإسباني في نصف ملعبه، وكانت الكرة الأقرب لهولندا في ق 33 عن طريق تراخي الحارس الإسباني "كاسيلاس" في الحصول على الكرة التي قام اللاعب الهولندي بإعادتها له.
بدأت خطورة "روبين" و "شنايدر" في الظهور منذ ق 37 من الشوط الأول، وأهدر "فان بوميل" فرصة كانت الأقرب لإحراز هدف التقدم، ورد "بدرو" على كرة "فان بوميل" بهجمة مرتدة سريعة في ق 38 وقام بتسديد الكرة، ولكن مرت بجوار القائم الأيسر لمرمى هولندا.
عادت أسبانيا مر أخرى في السيطرة على مقاليد اللقاء في ق 40 ولكن القتال الدفاعي لمنتخب هولندا، وتخلى الفريقين عن الأداء التكتيكي وسدد "ألونصو" كرة صاروخية في ق 42 مرت بجوار القائم بحوالي ياردتين، بدت المباراة في التحرك سريعاً عن طريق الهجمات المرتدة لكلا الفريقين.
حاولت هولندا في نهاية الشوط الأول أن تخطف هدف التقدم، ولكن "كاسيلاس" المتألق قام بإبعادها عن المرمى بجدارة، وانتهى الشوط الأول وسط الإنتفاضة الهجومية الكبيرة لهولندا، والتألق الدفاعي لأسبانيا وحارسها العملاق.
"يتحرك تشابي تتحرك أسبانيا معه .. وهولندا ترتدي زي الأزوري في البطولة الماضية" .. إذا وضعنا عنواناَ إجمالياً لتقييم أداء الشوط الأول للأداء الإسباني فسوف نجده يتلخص في اللاعب الرائع "تشابي هيرنانديز" الذي يمثل العمود الفقري للماتادور من خلال تمريراته المنضبطة، ورؤيته الواسعة في الملعب، أما عن الأداء الهولندي فسنجد أنه تشابه كثيراً مع أداء الفريق الإيطالي خلال البطولة الماضية من الناحية الدفاعية الحديدية التي لم يستطع المنتخب الإسباني إختراقها طوال الشوط الأول الذي اختفت إثارته منذ ق 25 نتيجة الأداء التكتيكي الذي سيطر على لعب الفريقين.
بدأ الشوط الثاني بضغط أسباني والإعتماد على "إنيستا" و "بدرو" في إختراق الدفاع الهولندي، وكاد "بيول" أن يكرر مشهد مباراة ألمانيا بضرب كرة رأسية، لكنها لم تكن
منذ ق 50 بدا على الفريقين الإندفاع الهجومي، وكثفت هولندا هجومها معتمدة بشكل كبير على "روبين" الخطير، ولكن الصخرة "بيول" منعه من الوصول إلى منطقة الـ 18 بإستثناء كرة قام بتسديدها في بداية الشوط الثاني.
اعتمد الماتادور على "الوان تو" في محاولة لإختراق الدفاع الهولندي، وبالفعل نجح نجوم أسبانيا في المرور من الدفاع الهولندي الذي اضطر إلى المنع غير المشروع وارتكاب "الفاولات" التي هددت مرمى هولندا بالكرات الثابتة من خلال التصويبات الدقيقة للنجم "تشابي هيرنانديز".
وكان التغيير الأول للماتادور بنزول "نافاس" على حساب "بيدرو"في محاولة من "ديل بوسكى" لتهدئة الإندفاع الهجومي، وحفظ توازن خط المنتصف بين الناحية الهجومية والدفاعية ووقف خطورة الجهة اليسرى للطواحين، نظراً لإندفاع هولندا الهجومي، واعتمادها على الأطراف والكرات العرضية المبكرة استغلالاً لـ "روبين".
ضيع "روبين" في ق 62 كرة المباراة عن طريق تمريره "شنايدر" نجح "كاسيلاس" في إبعادها بقدمه عن المرمى، في لقطة درامية كادت أن ترسخ لهولندا فرصة كبيرة في حسم اللقاء.
ظهر الأداء الإستعراضي لأسبانيا في ق 63 عن طريق البديل "نافاس" و "راموس" و "تشابي" المتألق، ولكن "فيا" ظل أسيراً لمصيدة التسلل الهولندية، وكانت خطورته تظهر في النزول إلى منتصف الملعب.
وفي ق 70 كان "فيا" أقرب إلى التسجيل، ولكن الدفاع المتألق منعها في اللحظة الأخيرة .. الهجوم الإسباني المتتوالي جعل الدفاع الهولندي يرتكب أخطاء قريبة من منطقة الـ 18، مما كان يمثل تهديداً حقيقياً لمرمى الطواحين التي انكمشت هجومياً منذ ق 60 وحتى ق 74 من الشوط الثاني.
عززت أسبانيا من تمسكها بالمباراة من خلال الضغط الهجومي الكبير، وضيع "راموس" كرة الهدف الأول في ق 77 في كرة غريبة للغاية، لم يضيعها هاوي صغير !
أخفقت الطواحي في بناء الهجمة المرتدة، وانعدم أدائها الهجومي تماماً في اللحظات الأخيرة من الوقت الأصلي للمباراة، ولكن عدم التركيز الإسباني في اللمسة الأخيرة للهجمة مع التفوق الدفاعي لهولندا منع أسبانيا مع تسجيل أكثر من هدف.
كانت الهجمة المرتدة الخطيرة التي أعادت هولندا للمباراة، ولكن رفض "روبين" التعامل معها بذكاء والسقوط على الأرض بعد اعتراض "بيول" طريقه، ولكنه تجدد أمله في العبور من المدافع، وسلك طريقه إلى المرمى ولكن بعد أن انقض "كاسيلاس" ليلتقطها من بين أقدام "روبين".
خرج "ألونصو" في ق 87 وحل بديلاً عنه "فابريجاس" بعد أن شعر "ديل بوسكى" أن أداء "ألونصو" بدأ يقل تدريجياً، ومع شعوره أن المباراة تتجه إلى الوقت الإضافي.
انتهى الشوط الثاني وسط الهجوم المتوالي من المنتخب الإسباني، والدفاع الحديدي للبرتقالة، وعدم استطاعها أن تقوم ببناء الهجمة المرتدة الصحيحة.
بدأ الشوط الإضافي الأول مثلما انتهى الشوط الشوط الثاني بهجوم أسباني، ولم يحتسب الحكم "هاورد" ركلة جزاء صحيحة للماتادور عن طريق عرقلة "تشابي" المتعمدة ومنعه من التسديد على المرمى.
وفي ق 4 من الشوط الإضافي الأول رفض "فابريجاس" تسجيل الهدف الأول من هدية أعطاها له "تشابي" على طبق من ذهب، ولكنه ترك المرمى خالياً وسدد في قدم الحارس الهولندي.
رد "روبين" بهجمة خطيرة في ق 5 أبعدها الدفاع الإسباني إلى ضربة ركنية، وفي المقابل يضيع نجوم أسبانيا كرات لا تضيع مطلقاً.
بدأ الشوط الإضافي الثاني بتغيير المدير الفني للماتادور لـ "فيا" ويحل مكانه "توريس" ولكن المباراة بدت تتجه إلى ركلات الترجيح قبل إكتمال الوقت الإضافي الثاني، ولكن المجهود البدني للفريقين بدأ يقل لدى بعض اللاعبين الهولنديين.
في ق 18 من الشوط الإضافي الثاني تم طرد لاعب الدفاع الهولندي "إنديجا"، وفي ق 19 كان الإنذار المستحق لـ "ويل" لارتكابة خطأ في حق "إنيستا" مما يؤكد على نظرية إنخفاض الأداء البدني.
بدأت خطورة البديل الهولندي "إيليا" في الظهور عن طريق المراوغة والمرور السريع من الدفاع الإسباني، وفي ق سدد "شنايدر" كرة مرت بجوار القائم الأيمن، ردت أسبانيا في ق 27 من الشوط الإضافي الثاني بالهدف القاتل عن طريق "إنيستا" ليقضى على طموح وآمال الطواحين.
خطف المنتخب الإسباني الكأس الغالية والأولى في تاريخه من المنتخب الهولندي الذي وصل للنهائـي للمـرة الثالثة في تاريخه دون أن يحصل على اللقب، لتغرق أمستردام في دموع الأحزان، وتتوهـج إسبانيـا إحتفـالاً باللقب الغالي الأول في تاريخها، ووسط دموع وأفراح كرة القدم خيط رفيع قطعته إسبانيا ورفضـت أن يضيع الحلم من بين يدها فكانت الفائزة سيدة العالم بجدارة.