kabaka عضو ذهبى
الاوسمة : عدد المساهمات : 766 تاريخ الميلاد : 03/05/1991 تاريخ التسجيل : 09/05/2010 العمر : 33 الموقع : blackhorse.ahladalil.com
| موضوع: مـــاذا لـو لـم تنشـأ أمريكـــا ؟ السبت مايو 22, 2010 7:34 am | |
| لم يكن المستكشفون الأوائل للعالم الجديد يعلمون أنهم يضعون البذور الأولي لنشأة كيانات سياسية قائمة علي الهجرة الوافدة.
وأن من بين تلك الكيانات دولة عظمي اسمها الولايات المتحدة الأمريكية. حيث ستقوم بعد نحو ثلاثة قرون(1776) من بدء تلك الكشوف الجغرافية لتؤثر في مصير العالم كله وأمريكا توصف دوما بأنها صورة مكبرة لأوروبا, وهو وصف صحيح إلي حد كبير, فقد مثلت منطقة جذب اقتصادي لكل العناصر الأوروبية, وغير الأوروبية, حتي صارت أقوي دولة في العالم بمساحتها التي تقترب من9 مليون كيلو متر مربع وسكانها الذين يبلغ عددهم305 ملايين نسمة. غير أن السؤال الحاسم هو ماذا لو لم تقم أمريكا ؟ وما هي صورة العالم إذا غابت عنه؟, وبرغم أن ذلك سؤال افتراضي يرتبط بنوع من أنواع الخيال والتصور الذهني, فإن الإجابة تتحدد في عدة أبعاد أولها: البعد الديموغرافي, فأمريكا دولة قامت علي أكتاف المهاجرين من كل بقاع الأرض وإن كانت غالبيتهم العظمي وفدت من أوروبا خاصة بريطانيا وأيرلندة وألمانيا وإيطاليا, فكان عددهم سيضاف إلي سكان بلادهم الأصلية وما يترتب علي ذلك من كثافة سكانية عالية واختلال بين السكان والموارد في تلك الدول, وكان سكان أوروبا الآن يقتربون من مليار نسمة( سدس سكان العالم) بدلا من732 مليونا في الوقت الحاضر, وبطبيعة الحال سيتفاوت أحجام كل دولة وفق عدد المهاجرين منها وستأتي بريطانيا في المقدمة تليها أيرلندا ثم ألمانيا, فإيطاليا, وربما وجدت تلك الدول منفذا لسكانها في مستعمراتها في العالم القديم كما حدث في جنوب أفريقيا, واستراليا ونيوزيلندا. وفي تلك الحالة لن يكون في أمريكا الشمالية سوي ما نعرفهم بالهنود الحمر الذين قدر عددهم في منتصف القرن السابع عشر بنحو مليون نسمة( تقدير ويلكوكس وكارسوندرز) ويتضاعف عددهم عدة مرات وفق نظرية النمو السكاني في مرحلتها البدائية( بلغ عدد الهنود الحمر في الولايات المتحدة الأمريكية4.1 مليون نسمة سنة.2000 وهذا العدد هو الذي تبقي من الشعوب الهندية الحمراء التي تعرضت للإبادة وفتكت بها الأمراض ومحاصرتهم في معازل خاصة بهم خارج أوطانهم الأصلية).كما أنه من المتوقع أن تتطور بعض القوميات الهندية المحلية ذات الحضارة المتقدمة نسبيا في مواطنها الأصلية, وفق قواعد التطور الحضاري لدي الجماعات الأصلية في الأقاليم الجغرافية الأخري( مثل المايا في المكسيك, والأزتك في بيرو). أما عن الأفارقة الذين هجروا إلي الأمريكتين أثناء تجارة الرقيق فيقدر عددهم بقرابة20 مليونا معظمهم من إقليم غرب أفريقيا, اتجه منهم نحو مليونين إلي الولايات المتحدة, والباقي إلي دول أمريكا اللاتينية وجزر الكاريبي, وكان أول عهد الولايات المتحدة بالرقيق سنة1619 عندما وصلت أول شحنة إلي ولاية فرجينيا, ومنذ ذلك التاريخ استمر وصول الرقيق علي مدي قرنين ونصف القرن حتي تم إلغاء الرق سنة.1865. وقد ترتب علي تجارة الرقيق استنزاف مبكر للموارد البشرية في غرب أفريقيا, ولولا ذلك لأصبح سكان هذا الإقليم اليوم ضعف ما هم عليه الآن, ورغم الجهود التي بذلت لإعادة الأفارقة وإنشاء ليبيريا لهذا الغرض, فإن العناصر الأفريقية مازالت تمثل نسبة عالية في دول الأمريكتين, وما يقرب من13% من سكان الولايات المتحدة الأمريكية. أما البعد الاقتصادي فهو أخطر بكثير إذا تصورنا غياب أمريكا عن خريطة العالم, فالناتج الإجمالي الأمريكي بلغ13728 مليار دولار بنسبة25.1% من الناتج العالمي سنة2008, وغياب هذا كله سيؤدي إلي تباين جذري في نسب الإنتاج العالمي. الذي سينقص بالضرورة بذات النسبة, وليس من المتصور أن الإنتاج الأمريكي كان سيضاف إلي الناتج العالمي لأنه جاء نتيجة جهود الأمريكيين وتقدمهم في مجالات الاقتصاد المختلفة خاصة في الصناعة والتجارة والزراعة والتعدين وتكنولوجيا المعلومات. ومع غيابها فإن الدول الأوروبية الأكبر حجما مثل ألمانيا وفرنسا كانت ستحل محلها في تلك الحالة. وقد أسهمت الولايات المتحدة بدور كبير في التقدم العلمي للعالم, من خلال توافر مقومات البحث العلمي في مجالات التخصص المختلفة, ومن خلال استنزاف الأدمغة من باقي أنحاء العالم والذي برعت فيه الولايات المتحدة منذ وقت مبكر. ولو تصورنا غياب الولايات المتحدة عن خريطة العالم العلمية لحرمت الإنسانية من كثير من المخترعات والاكتشافات, أو علي الأقل لتأخر وصول البشرية إليها( مثل المصعد الكهربائي, والهاتف والمحول الكهربائي, والتلفاز, وأجهزة التسجيل, والترانزستور, والانترنت وتقنية المعلومات الخ). ويكفي القول أن العلماء الأمريكيين حصلوا علي131 جائزة من جوائز نوبل أي45% من الجوائز التي بلغ عددها289 جائزة في هذه المجالات الأربعة منذ بدء منح الجائزة سنة1901 وحتي سنة2004, مما يعكس مدي التقدم الذي أسهمت به أمريكا في العلم العالمي, ولو تصورنا أنها لم تنشأ كدولة لكان معظم هؤلاء العلماء قد استمروا في أوطانهم, بظروفها المختلفة, دون أن يكون لهم دور في خدمة الإنسانية باستثناءات قليلة. أما عن الخريطة السياسية للعالم فربما كانت مختلفة كثيرا حال غياب أمريكا عنه, والتي صارت منذ عشرينيات القرن الماضي لاعبا رئيسيا علي الساحة العالمية, عبر تحالفها المبكر مع دول غرب أوروبا لتحقيق أهدافها الاستراتيجية, مثلما حدث في الحرب العالمية الثانية ضد ألمانيا النازية, وإيطاليا الفاشية, وكذلك اليابان حيث كان تدخلها لمصلحة الحلفاء حاسما في تحقيق انتصارهم, وما ترتب عليه من تغير في خريطة أوروبا وجنوب شرق آسيا. ثم بدأت الحرب الباردة وسباق التسلح ضد المعسكر الشيوعي بقيادة الاتحاد السوفيتي السابق, حتي سقوطه1991, لتبدأ مرحلة القطبية المنفردة وسياسة الهيمنة. ولنا هنا أن نتصور العالم في القرن العشرين بدون أمريكا, إذ ربما سيطرت الشيوعية علي نطاق عالمي أوسع, ودخلت في صراعات مع العالم الاسلامي, وربما توسعت ألمانيا النازية علي حساب جيرانها لتكون إمبراطورية واسعة كان هتلر يحلم بها, وربما توسعت إيطاليا هي الأخري في مستعمراتها خاصة في القرن الأفريقي. تلك هي صورة العالم إذا غابت عنه أمريكا, ومع ذلك فإنها قوة مسيطرة تتصف بازدواجية المعايير, فإذا تمادينا في الخيال وتصورنا غياب الولايات المتحدة عن أحداث الشرق الأوسط لتغيرت خريطتة السياسية تغيرا جذريا, وما كان لإسرائيل أن تقوم أو أن تصل إلي ما وصلت إليه الآن علي حساب فلسطين الأرض والشعب. وهي تعمل علي نشر الديمقراطية ولكنها لا تحقق العدالة للبشر, وباسم محاربة الإرهاب بعد11 سبتمبر2001 تحارب في العراق وأفغانستان.. فهل تنكمش الولايات المتحدة لتعود إلي حدودها الأصلية, وعزلتها التاريخية في أمريكا الشمالية ؟ أغلب الظن أن ذلك ضرب من ضروب الخيال علي الأقل في جيلنا الحالي | |
|