لأنها تألمت عند ولادتك وسهرت على نشأتك ورعايتك وبكت على بكائك وسعدت على سماع ضحكاتك وسقمت لسقمك وتعافت بمعافاتك وصبرت وتحملت طيشك وإزعاجك وتجاوزت عن أخطائك وتذكرت حسناتك
اعتذر لأحبائك ،،
لأنك بكيت في وقت فرحهم وضحكت في وقت ألمهم وأطلقت صرخاتك في لحظة هدوئهم وصمت في لحظة مشاركاتهم وبقيت في لحظة رحيلهم ورحلت في لحظة اجتماعاتهم ولقاءاتهم واعتذرت لهم في وقت حاجتهم وبدون سبب تركتهم
اعتذر لقلبك ،،
لأنك أتعبته كثيرا ً في لحظات حبك وجرعته ألما ً في لحظة حزنك ونزعته من داخلك وبدون تردد لتهبه لغيرك
اعتذر لأوراقك ،،
لأنك كتبت بها واحرقتها ورسمت الطبيعة عليها وبدون ألوان تركتها وفي لحظة همومك وأحزانك لجأت إليها وفي لحظة فرحك وراحتك أهملتها وعندما عزمت الإعتكاف عن الكتابة مزقتها وودعتها إلى الأبد
اعتذر لقلمك ،،
لأنك في معاناتك أتعبته ولأنك حملته الألم والأحزان وهو في بداية عهده وعندما انتهى رميته واستعنت بآخر مثله
اعتذر لخواطرك ،،
لأنك جعلتها تتسم بطابع الحزن وبالألم حاصرتها فلقد أصبح الكل يبحث عنها وعن معاني غموضها في قواميس لا وجود في هذا الزمن لها
اعتذر للواقع ،،
لأنك بكل قسوة رفضته وأغمضت عيناك عنه في كل لحظاتك المُره وشكلته بشبح أسود يتحدانك بدون رحمة ونسيت بأنه هو مدرستك التي جعلتك تكون حكيم في المواقف الصعبة
اعتذر للأحلام ،،
لأنك طرقت على أبوابها في كل ساعة وجعلتها تبحر بك في كل مكان تريده فهي من حققت كل أمنياتك دون تردد وهي من أتعبتها معك حينما كبرت وكبرت معك أحلامك ورغم ذلك كله لا تتذمر منك وإنما تقول : " أطلب وأنا على السمع والطاعة "
اعتذر للأمل ،،
حينما رحلت عنه وبدون إستئذان ولازمت اليأس في محنتك ومكابرتك فلقد كانت سعادتك الوهمية تكويك في صمتك وتعذبك في ليلك دون احساس الاخرين بك
اعتذر للسعادة ،،
لأنك عشقت الحزن وحملته شطرا ً من حياتك وعشقت البكاء لأنك تنفس به عن آلامك وعشقت قول الآه لأنها تطفئ حرقة أناملك وعشقت الجراح لأنها أصبحت قطعة ترقع بها ثغور ثيابك وعشقت الصمت في لحظة الألم لأنه يحفظ لك كبريائك فعذرا ً أيتها السعادة لأنه أبعدك عن حياته
اعتذر للزهور ،،
لأنك قطفتها وهي في بداية بلوغها وتفتحها وحرمتها من العيش في بستانها ثم شممتها ولغيرك أهديتها وبعدما لفظت آخر انفاسها رميتها ودستها
اعتذر للبحر ،،
لأنك عشقته بجنون وطعنته في خواطريك بالمليون وأضفت إليه الغدر في هدوئه ووصفته بأنه جميل وهو في قمة جنونه فلم تكن تلك الطقوس سوى أحاسيس مختلقة وكان ضحيتها البحر لأنك عشقت
اعتذر للقاء ،،
لأنك كتبت عن الرحيل والوداع ولأنك جردته من قاموسك الملتاع ولأنك أصبحت خاضع للقدر فآمنت بالرحيل كثيرا ً وبكيت لأجله كثيرا ً وتناسيت كلمة الاجتماع واللقاء
اعتذر للحياة ،،
حينما اتهمتها بالقسوة وللطيور والبلابل حينما قلت عنها خرساء وللجبال لأنك أنسبته إليك وللدموع حينما جمدتها بالعين وصندوق الذكريات الذي أخرجته بعد دفنه
~~~~~~
اعتذر لكلمة اعتذر ،، لأنك أدخلتها في بحور شتى من الإعتذار
لأنك طرقت على أبوابها في كل ساعة وجعلتها تبحر بك في كل مكان تريده فهي من حققت كل أمنياتك دون تردد وهي من أتعبتها معك حينما كبرت وكبرت معك أحلامك ورغم ذلك كله لا تتذمر منك وإنما تقول : " أطلب وأنا على السمع والطاعة "
الثلاثاء أبريل 13, 2010 9:04 pm
